اليوم في نفس المكان قابلها , لم يتحدث كثيرا فقط استمع لها , فلقد كانت سعيده وهي تحدثه بأخبارها .
أخبرته عن جديد حياتها , فهي الآن أميرة زوجها , تلهو كثيرا باستقبال صديقاتها في بيتها .
تعشق كل ركن في ذلك البيت خاصة الركن المخصص للوحة الزيتية المرسومة لها , تلك التي كان قد أهداها لها قبيل عرسها ,
رائعه وهي تتباهى بحسن اختيارها لزوجها , فهو بالفعل يستحقها , فهو بصدق أحبها .
حقا أبهرته يومها وهي تقلد خطواتها , تعجب كثيرا يومها كيف أصبحت تلك الزهرة البرية بذلك الجمال الملكي , وكيف اصبحت تتقن ببراعة فن اختيار كلماتها .
لقد أزهلته خاصة وهي ترسم له على السماء مخططات حياتها , وكيف صنعت بالنجوم عقدا ماسيا لتزين به أحلامها .
أبهرته عندما أرته في وجه القمر أطفالها , كم هم رائعين مثلها , وكم هي رائعه وهي تحتضنهم كما تحتضن الشمس سكان أرضها .
لقد أخبرته بأنها تشغل كافة أوقاتها , فلا تجد وقتا لتفكر في زمان مضى , بالفعل كيف لها أن تجد وقتا لتفكر في شخص ما قد أحبها .
شخص أخلص لها وكان هو صندوق أسرارها , ولكنه تعلم الصمت أمام جمالها , فلم يقل يوما لها أنه وبشده أحبها .
شخص كان كلما رأها يرسم لها أحلامها ويحلم دوما بابتسامة تداعب وجهها .
شخص كان هو من قام بكل تجهيزات عرسها لتزف هي إلى حبيبها في أبهى صورة لها .
شخص كان يلتقط صورها وكأنه يريد أن يبقيها للحظات معه وكأنه أراد أن يخبرها عن ما يكنه بداخله لها .
ولكن كيف وقد اختارت من أحبها وأعلن حبه لها , أيعقل أن يعدل على اختيارها , أيعقل أن يفسد سعادتها في أسعد أيام حياتها .
لا لن يتفوه بكلمه سوى بدموع لن تراها هي فهو يخشى كثيرا على قلبها .
شخص يقف أمامها فلا يجد في حياته سببا للسعاده سوى بريق عينيها ,
شخص أصبح الآن غريب عنها يخجل من أن يتطلع لها .
شخص يقف اليوم أمامها ليطمأن على دفء أحاسيسها وسعادتها في حياتها ,
شخص أخبرها أنه اليوم أكمل رسالة اسعادها وأنه حان الوقت ليودع طريقها ,حتى يذهب إلى عالم أحلامه من دونها وفي صمت يقول لها أنه لا حياة له بدونها .
وفي صمت مميت نظر لها وكأن فؤاده يودع دقاته , وأنفاسه توشك على الانتهاء من عزفها .
وابتسم ابتسامة صافية , أدق ما يقال في وصفها أنها نار تحرق ما بداخله , أشعلها لتنعم هي بدفء حياتها .
ودمعت عيناها وهي تراه يبتعد عنها , فتودعه بألم صامت يجتاح كيانها ,
وكانها اليوم اعترفت أنه كان أهم شخص في حياتها ,و علمت أنه لم يكن سبب ايتسامها بل هو ابتسامتها وراحة بالها .
واختفى عن أنظارها , ومرت أيام تزيد من شوقها حتى رن هاتفها , ودق قلبها لعله صديق طفولتها وشبابها .
فوجدت صوت صديقه تكسوه الدموع ويعزي قلبها ,
فسألته عن توأم روحها فأخبرها عن أخر رسالة كتبها لها قبل أن يقف فؤاده الضعيف الذي عاش بحبها .
أخبرها أنه لم يقوى على مصارحتها بحبه لها لأن أيامه كانت معدودة وأبى أن يكون هو سبب أمطار قلبها .
أخبرها بأن تأتي لتبعثر الزهور على قبره وتطمأنه عليها وعلى طفلها ,
وتشابكت خطواتها وكأن اقدامها لا تحتملانها فوجدت صديقه يبكي على قبره وبصمت احتضنها ,
نظرت له فقال لها ربط بيننا حتى نتذكر حبه لنا, فغلبتها دموعها وصرخت,
حتى أعلنت صرخاتها عن ميلاد طفلها ,
ضمته إلى قلبها بدفء وسمته باسم من بصدق أحبها ,وكان مثل من حمل اسمه هو في الحياة سبب سعادتها وصانع ابتسامة وجهها .