شخابيط وكلام ممكن يكون مهم وممكن يكون فاضي ايا كان فهو كلام خارج من أعماقي
RSS

الاثنين، 21 يناير 2013





ولأن الليل هو الوقت الوحيد الذي يدق على ناقوس وحدته صادقه حتى لا يتألم .. كل يوم يلتقي به في طقوس اعتاد عليها , يندمج قليلا في ضجيج المحطات التلفزيونية , يقلبها كصفحات كتاب ممل لا يخرج منها الا بقليل من الصراخ , يغلقها ليلتقي بحاسوبه الشخصي , ليبحر في عالمه الأفتراضي ويهرب من وحدته إلى وحدة الآخرين, يطمأن على الجميع ويخبرهم جميعا أنه بخير ويصمت قليلا ويسأل نفسه هل أنا فعلا بخير , يغمض عينيه ليفكر وقبل أن تغلبه الأفكار يستعد للنوم يختطف أول كتاب تقع عليه عيناه من مكتبته الكبييرة التي أعدها بنفسه بكل حب , وكيف لا وهي بيت أطفاله المدللين , يأخد منهم كل يوم طفل يداعبه ويبتسم له أو يتألم بأحزانه فيضمه إلى صدره ليدفأ به برد مشاعره , يغمض عينيه وينام في هدوء وسبات , تراوده الأحلام التي يهرب منها دائما بافتعال أشياء تلهيه عنها حتى يختطفه النوم مخففا عنه أتعابه ولكنها تداهم عالمه الآخر بعنف , يحاول طردها بتقلباته ولكنها تتشبث به كالطفلة المتعلقة بيد أبيها طالبة الأمان , تتشبث به حتى يستيقظ منها هاربا , يعطر سجادته ويأنق نفسه ويغمض عقله عن الأفكار لينفض عن كتفيه الأحمال باللقاء الإلهي المحبب لقلبه , ينتهي ويدعو الله بصدق ويبكي إلى أن تحين نفحات الفجر المعطرة يعتدل ليتم طقوسه الايمانية , يغمض عينيه قليلا إلا أن توقظه أشعة الشمس المطلة عليه من شرفته الكبيرة بلطف , يستعد لبدأ يومه يعد قهوته وافطاره يتناولهما بصمت في الشرفة المطلة على عالم آخر مليء بالزحام يقلب جريدته اليومية ليخرج منها بلا شيء سوى غضة في القلب , يقف لينظر للعالم الآخر وللشاطئ البعيد ويرى أطفال الجيران يتسابقون إلى مدارسهم يودعونه بكل حب وتلوح لهم يداه بالدعاء , يذهب لعمله ويبحث في وجوه الناس عن شخص كان يعرفه منذ زمن بعيد لا يجده , يصل لمكتبه ويقابل الجميع بابتسامته الوقورة الهادئة التي يحب أن يراها الجميع لتخفف عنهم حدة يومهم , ياخذ فنجان قهوته الثاني ويمسك قلمه ويستعد لكتابه شيء ما فيكتب ما يخفف به أعباء الحياة على من أحبهم وأفنى من أجلهم عمره , ينتهي قلمه من خط سطوره , فيلتفت لخطابات قراءه يعيش فيها ويرسل لهم وصفة السعادة السحرية التي تميز بها مع زهرة بيضاء تحمل لهم كل معاني الحب , يقرأ من بينهم سطور من تلميذه النجيب , أستاذي الحبيب باسمي وباسم كل من علمتهم معنى العطاء , باسمي وباسم من أفنيت عمرك من أجل اسعادهم , باسمي وباسم كل من علمته فن الابتسام , شكراا , تغلبه دموع الفرحة التي اخفت نصف الكلام والتي تساقطت باسم الفرح واختفت وراء ستارها دموع الأحزان , فيجيب عليهم , اذا أردتم أن تشكروني اتسموا وابذلوا حياتكم في العطاء ولكن لا تنسوا حق أنفسكم في العطاء , فأنفسكم البريئة تستحق منكم الكثير فلا تبخلوا عليها بما تصنعون , يلملم أغراضه بعدما كتب أخر سطوره واحتضن الجميع بابتسامته وذهب في طريقه إلى مقهى جديد بحث عنه بالأمس ليكون بديلا لعمله الذي أفنى فيه عمره , ويكون رواده بدلاء لقراءه , وتكون أحزانهم بديلة لأحزانه , فيقضي ما تبقى من عمره بينهم , لعل أنفاسه الأخيرة تخرج وهو يمارس هوايته في رسم الابتسامة على وجوه الآخرين وإزالة غبار الحزن عن أفئدتهم , ليتراكم على فؤاده أوجاع أحزانهم التي تطرد أوجاعه القاسية التي أهملها في أحد أركان حياته , فهو لا يريد أن يبعثر أحاسيسه بنبشه لرفات عمره , ولا يريد أن يتذكر أنه أفنى حياته في البحث عن الناس فضاعت ذاته في ذواتهم وسيدفن اسمه معه وما تبقى منه ستدفنه الأيام وستنتهي حياته كنهاية بطل روايته الأخيرة وحيداا . 
 
 

0 التعليقات: